عصابات الباتريوت في غليزان بقيادة فرقان وعابد!

غادرت الجزائر سنة 1999 الى فرنسا ، كانت نفسيتي مضطربة جدا نظرا للأهوال التي عشتها في منطقة غليزان. كانت كوابيس كثيرة تزعجني وتطاردني وتسرق النوم والابتسامة والأحلام مني .

أردت بهذه الشهادة المتواضعة كمواطن يغار على بلده أن أصفي ضميري وأن أخفف عن نفسي من عبء المأساة ، وأن أترك هذه الشهادة بين أيديكم، علّها تساهم في توضيح الخط الأبيض من الأسود.

كنت صغيرا في السن وأنتم الى عائلتين مجاهدتين كانتا تحكمان بلدية جديوية وبلدية غليزان وهما عائلة فرقان محمد وعابد محمد.

لقد تم تعيينهما من طرف والي الولاية بعد تنحية الرئيسين المنتخبين من طرف الشعب بعد أن وقع الإنقلاب على الإرادة الشعبية.

الحقيقة أنهما كان يُحكم بهما كون أنهما مجاهدين.

كان نائب الحاج فرقان يدعى حسين،  يتصرف بمزاجه بعيدا عن القوانين، بل أعتقد جازما أن النظام نفسه لا يدري ما كان يقوم به هذا الأخير.أغلب عناصر هتين العائلتين كانوا ينتمون الى ما يسمى بقوات الدفاع الذاتي أو الباتريوت التي تشكلت بعد وضع حالة الطوارئ.

لم أكن أفهم ما يجري وقتها من حولي لكن فطرتي البشرية لم تكن تطاوعني أن أرضى بالممارسات التي كنت ألاحظها، وقد تعرفت عليكم من خلال الأنترنت أين فهمت الكثير من الأحداث وتوضحت لدي الكثير من المسائل وعرفت الأجوبة على تساؤلاتي.

كانت السلطات على خطأ كبير عندما قامت بتسليح عصابات لم تكن لها علاقة بالوطنية ولا بالوطن، بل كان همهم هو السطو والتعدي على المحرمات. هل من المنطق أن يتم تسليح مسبوق قضائي، ومتناول للكحول ؟ انه لأمر خطير كان يواجه المنطقة بأكملها ويدفعها الى الاقتتال، نظرا لهذه العناصر الشرّيرة التي كانت موجودة في هذه العصابات.

كانت السلطات تبحث عن شرعنة العمل الذي قاموا به من خلال الانقلاب على الإرادة الشعبية، فكلفوا مجاهدين من هذه المنطقة لتكوين فرق تابعة للباتريوت ...وكان هذين المجاهدين يتمتعان بسمعة كبيرة في المنطقة قبل أن يصبحا أعداء وملاحقين بالسجن.

في وقت قصير تحولت العائلتين الى مملكة، حيث عين فرقان ابنه وصهره في بلديتين كون أن ولاية غليزان تلحقها اداريا 16 بلدية.كانت عائلة فرقان محمد وعابد محمد تربطهما علاقات عائلية .

تعرض محمد عابد الى محاولة اغتيال وقد أصيب بعدة رصاصات مما جعل ابنيه عبد القادر محمد وعدة محمد يقدمان من فرنسا أين كانا يقيمان. عرض عليهما الوالد أن يمكثا معه وهكذا تم تعيين واحد منهما في مدينة بورقبة القريبة من مدينة جديوية والآخر أصبح نائبا للحاج محمد فرقان في مدينة غليزان. كما أن محمد فرقان قام بتعيين أخيه رئيسا لمندوبية مطمر.

أصبحتا العائلتان هما من يقومان بتجنيد الناس في قوات الدفاع الذاتي المعروفة باسم الباتريوت وكذا قوات الحرس البلدي.

كانت قوات الحرس البلدي مفتوحة نوعا ما لأبناء المنطقة لكن قوات الدفاع الذاتي كانت حكرا على العائلتين ...بحيث لن يدخل اليها شخص الا بإرادتهم. كانوا يشرفون على حوالي 80 عنصرا في بلدية جديوية وحوالي 300 في منطقة غليزان ناهيك عن قوات الحرس البلدي التي كانت تصل في جميع البلديات التابعة للولاية الى حوالي 1000 عنصر.

من بين هؤلاء العناصر تشكلت عصابة متكونة من عشر أشخاص. كانوا يعملون خارج اطار القانون، بحيث كانوا يقومون بحواجز مزيفة، ويرتدون لباس الاسلاميين ويعتدون على المواطنين وبعض المتسوقين والباعة الذين كانوا يأتون من عين الفكرون بولاية أم البواقي ويأخذون منهم أموالا ورشاوى.

كانوا يقومون بتزوير وثائق ممضاة من طرق الجبهة الاسلامية للانقاذ وهذا من خلال سرقة الأختام التي أخذوها من المكاتب التابعة للجبهة الاسلامية للانقاذ.

كما أنه كان يتم تسليح البعض من عناصر الباتريوت التي كانت تخضع لهتين العائلتين بدفع الرشاوى وكان الهدف من تسليحهم هو محاولة لاستعمال السلاح لترهيب أهل المنطقة واستغلال الناس تحت ذريعة الارهاب. منهم: محمد مصالح، بن صديق ...الخ

كان حسين نائب محمد فرقان يأخذ مبلغ 6 ملايين سنتيم كرشوة مقابل تسليح شخص واحد، وكان يشرف على الملفات مكتب تابع لجهاز المخابرات في الولاية ربما يجهل أصلا ما يدور. في المقابل كان يتقاضى المسلحون من عصابات الباتريوت مبلغ 9 ملايين سنتيم كل ثلاثة أشهر.

كانت حتى النسوة في هته العائلة يحملن السلاح، كما أن المنطقة التي بقرب البيت منطقة محرمة. كانوا يقومون بالسرقات والاغتصاب والقتل والاختطاف، من بينهم أفراد من عائلتي ومن أبناء عمومتي وأنا مستعد لأدلي بشهادتي أمام المحكمة وأعطي الأسماء .

من كثرة السطو والغباء الذي كان يطبع هذه العصابة قام المدعو بن اسعيد محمد وقام بحواجز مزيفة لوحده، وكان يعتدي على المواطنين الى أن أمسكوا به وأدخل السجن هو الآن خارج السجن ؟

تم اغتيال شهلول صالح الذي كان عنصرا في قوات الدفاع الذاتي "الباتريوت" بعدما قدم استقالته احتجاجا على التصرفات التي كانوا يقومون بها في حق الشعب. لقد حكمت المحكمة بغرامة مالية ضد أخ المغدور به "شهلول صالح " واسم أخيه اسماعيل كان عضوا في اللجنة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان بعدما قدم شكوى ضد محمد فرقان بتهمة قتل أخيه.

قام النائب الأول لبلدية أخرى وهو من عائلة عابد محمد بمحاولة أخذ مبلغ ميزانية بلدية قدره 600 مليون سنتيم وتحويله الى حسابه الخاص ولما عارضه النائب دحمون عمار في بلدية أخرى قام بذبحه وتشويه جثته ورميه في أنبوب لصرف المياه، كان هذا رفقة ابن خالته. للعلم أن هذا النائب هو أحد جيراني.لم يكن عمي على علم بما كان يقوم به ابنه وأنا على يقين لو حدثته على ذلك لما صدق.

في أحد الأيام اختطفوا شخصا وأتوا به معصب العينين في سيارة 404 مغطاة وقاموا بتعذيبه الى درجة أن أصبحت رجله تسيل بالدماء، واتهموه بأنه يقوم بتموين جماعة مسلحة وكانوا يريدون قتله.

الحقيقة هو أن قريبي أراد شراء سيارة من نوع آر 21 من هذا المتهم بثمن بخس وهذا الأخير رفض أن يبيعها له وهكذا أوقفوه وأتوا به ومن ثم عذبوه عذابا أليما ونزعوا منه السيارة ووثائقها.هذه حالة واحدة من عشرات الحالات.

يوجد مستودع تابع للبلدية أين كانوا يأتون بمناصرين للجبهة الاسلامية للانقاذ ويقومون بتعذيبهم ولا أحد يعلم بمكانهم ومن حسن حظي أنني كنت الوحيد الذي كان يعرف المكان وأدخل له وأرى بأم عيني تلك الممارسات المشينة، كون أنني فرد من أفراد العائلة، انها عصابة حقا.

يوم 17 أفريل 1995 قامت عناصر تنتمي الى جماعة اسلامية مسلحة وقاموا بقتل ابن رئيس المندوبية التابعة لبلدية جديوية بولاية غليزان .قامت عناصر قوات الدفاع الذاتي بقتل 13 عشر  شخصا لا علاقة لهم بقضية قتل ابن رئيس المندوبية، بل ذنبهم أنهم انتموا يوما الى الجبهة الاسلامية للإنقاذ.واحد منهم اسمه المدني كان يعمل ممرضا في وادي رهيو.

لقد تم اختطاف أكثر من 300 شخص لم يظهر عليهم أي أثر ناهيك عن الاعتداءات التي حصلت والاراضي التي أخذت بالقوة والسكنات ...

كانوا يقومون بانتحال شخصية الجماعات الاسلامية المسلحة ويقومون بتهديد مواطنين وابتزازهم مما يدفع بالمواطنين الى أن يتقدموا بشكاوى لدى مصالح الأمن وهكذا يجدون الطريقة لإلصاق تهمة الارهاب بأي شخص يريدون الاعتداء عليه.

كانت العائلتين عابد وفرقان المشرفتين على الباتريوت ترفضان تسليم السلطات كون أنهما كانا يترأسان المندوبيتين، بعد الانتخابات التي جرت في المنطقة وبعد احتجاجات قام بها المواطنون، وكان أن تطور الأمر الى درجة أن رمى بعض عناصر عصابة الباتريوت على المحتجين لولا تدخل أحد عناصر الدرك الذي أنقض الموقف والا كانت ستكون كارثة .

كان الرائد محمد مولسهول االمدعو ياسمينة خضرة حاضرا مع قوات الجيش بعد عملية الاحتجاجات التي اعتقل فيها أكثر من 15 شخص. يوجد عنصرين من بين عناصر الدفاع الذاتي في السجن بتهمة القتل العمدي لنائب رئيس المندوبية.

لقد وصلنا خبر مجزرة الرمكة وقت صلاة المغرب بمعنى أن المجزرة قاموا بها نهارا، كما أنه غاب بعض من قوات الدفاع الذاتي يومذاك ، وأخبرنا بأن بلديتنا سيتم استهدافنا ويفعل بنا مثل ما حدث في الرمكة مما جعلنا نتجند تلك اللية ولكن لم يحصل شيئا ؟

لقد بتنا قياما دون أن نعرف النوم، وقد تجند الشعب كل حسب طاقته للدفاع عن أنفسهم في حالة أي هجوم، والغريب في الأمر أنه في تلك الليلة لم نر وجودا لا لعناصر الشرطة ولا لعناصر الدرك الوطني ولا للجيش مع أن المجزرة استهدقت منطقة كاملة ،وكأن الدولة غائبة ؟

تقدم شهلول كمرشح في الانتخابات البلدية سنة 1997 أين نافس محمد فرقان، وقد اغتاظ هذا الأخير وقام باختطافه حيث أخذه من بيته رفقة ابنه في سيارة آر05 ومن ثم قتله حتى يضمن كرسي البلدية ويدخلها دون منافس. للعلم أن شهلول لا علاقة له بالجبهة الاسلامية للانقاذ، وقد كان واحدا من عناصر الباتريوت ويعمل تحت امرتهم، غير أنه كان غير راض بتصرافاتهم ماجعلهم ينقمون منه.

لقد تم اكتشاف مقبرة جماعية فيها أكثر من 60 جثة في مدينة امحمد بن عودة أين قام شهلول الهواري ووضع شكوى ضد محمد فرقان واتهمه بقتل أبيه وقد اعترف ابنه بالحادثة.

الكثير من عناصر هذه العصابات يرفضون المصالحة لأنها تعريهم ويفضلون العودة الى ما كانت الجزائر عليه في التسعينات حتى يستمروا في نهب الشعب وترويعه، لقد سمعت أحدهم يتمنى ذلك.

تحرير الشهادة من طرفي بعد تسجيلها صوتاعلى اذاعة وطني مع علي س من ولاية غليزان يوم .08/07/2012 في برنامج المأساة .

إرسال تعليق

[facebook]

Author Name

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.